النقل الذكي في مصر.. حل آمن أم خطر داهم؟
خلال 48 ساعة فقط، تلقت الأجهزة الأمنية في مصر 3 بلاغات بشأن وقائع "تحرش" وتعديات لفظية، كان أبطالها سائقون يعملون مع تطبيقات النقل الذكية، ولعل أبرز هذه الوقائع جريمة التحرش بالسائحة الصينية في مدينة شرم الشيخ.
كما أثار مقطع فيديو لأحد سائقي تطبيقات النقل الذكي يمنع سائحة روسية من مغادرة السيارة، طمعا في أجرة إضافية، وذلك في محافظة القاهرة، وتحديدا في منطقة البساتين، حالة من الجدل والغضب ضد هذه التطبيقات، التي زادت مخالفات سائقيها خلال الفترة الماضية.
ويظهر مقطع الفيديو، السائحة الروسية وهي تحاول مغادرة السيارة في منطقة البساتين، بعدما أنهت الرحلة التي بدأتها من "مدينة نصر"، بينما السائق يتحرك بسيارته لمنعها من الخروج منها، قائلًا: "هرجعك من مكان ما جبتك". وبعد انتشار الفيديو، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على السائق، الذي يتبع أحد تطبيقات النقل الذكية العاملة في مصر، إذ اعترف بأنه كان يريد الحصول على مزيد من الأموال من السائحة.
ويوضح العقيد محمد إبراهيم، من مديرية أمن القاهرة، أن رجال الشرطة تحركوا بناء على توجيهات من مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة اللواء علاء بشندي، بعد انتشار مقطع الفيديو، الذي يظهر التحدث بشكل غير لاحق، والتحرك بالسيارة، مما كاد يصيب السائحة الأجنبية إذا غادرتها. وأضاف،أن السائق أوصل السائحة لمسافة قصيرة للغاية، ولكنه طمع في الحصول على مبالغ إضافية منها، وهو ما جعله يرتكب جريمته، بعدم السماح لها بمغادرة السيارة، وهو ما أثار ذعرها.
ولفت إلى أن الشرطة رصدت مقطع الفيديو المنتشر على شبكة الإنترنت، بالتزامن مع تقدم السائحة ببلاغ إلى مديرية أمن القاهرة، أفادت فيه بتضررها من قائد السيارة، الذي احتجزها داخل سيارته دون وجه حق طمعًا في أموالها، موضحًا أنها ظنت في البداية أنه يحاول سرقة أموالها وليس طلب أجرة إضافية.
وأكد العقيد إبراهيم أن البلاغات ضد المخالفات التي يرتكبها سائقو تطبيقات النقل الذكية تعددت خلال الأشهر الأخيرة، من أجانب ومصريين، إذ يطمع عدد من السائقين في الحصول على أموال تزيد عن المقرر لهم من جانب التطبيق، دون الالتفات إلى وجود قانون يحمي الجميع.
بدوره، قال الخبير الأمني العميد سامح عز العرب، إن تكرار وقائع التعدي من جانب سائقي تطبيقات النقل الذكي على السياح، والمواطنين كذلك، يوجه ضربة قاصمة للسياحة المصرية والاقتصاد الوطني، لذلك هناك حاجة إلى وضع هذه التطبيقات تحت الرقابة المشددة.
وأشار إلى ضرورة التعاون بين الشركات المالكة للتطبيقات والجهات الأمنية في مصر، بداية من المباحث العامة وصولًا إلى جهاز الأمن القومي، للتأكد من أن سمعة البلاد سياحيًا لن تتأثر بأفعال فردية من جانب بعض الطامعين في أموال السائحين.
من جانبه، قال الخبير التقني أحمد عبدالفتاح، إن هناك حاجة ماسة إلى التدخل من جانب الدولة لمطالبة التطبيقات العاملة في مجال النقل الذكي بتركيب كاميرات داخل السيارات كشرط رئيس لقبول أي سيارة للعمل لديها. وأوضح، أن هناك أولوية في الوقت نفسه لإيجاد أكثر من وسيلة للتواصل بين الركاب "العملاء" وبين إدارة هذه التطبيقات، وعدم الاكتفاء بالشكوى من خلال التطبيق، لأن هذا الأمر يهدر حقوق الكثيرين.
وتابع: "بعض التطبيقات، تترك العميل فريسة في يد السائق، من خلال تقليص مساحة التواصل التي تهدر حق الراكب في التقدم بشكوى إلى الشركة الموفرة للتطبيق، إذ تتكرر المخالفات ولا تتخذ بعض التطبيقات أي إجراءات ضد المخالفين، وهو ما يشجعهم على التمادي.
في الوقت نفسه، أكد الخبير التقني أن تطبيقات النقل الذكي عليها -أيضا- أن تبذل مزيدًا من الجهد في التدقيق في السيرة الذاتية لمن يعملون معها، من خلال برامج معينة ترصد إمكاناتهم وخبراتهم، بالإضافة إلى التواصل مع وزارة الداخلية المصرية للتحقق من سجلاتهم الجنائية.
وشدد على ضرورة تركيب كاميرات في السيارات، تكون مربوطة مباشرة بعدد من الجهات، من بينها أجهزة وزارة الداخلية التي يمكنها تفعيل عدد من التقنيات الحديثة، مثل الكشف عن الوجوه بالذكاء الاصطناعي، وذلك لرصد أي جرائم قد تحدث من هذا النوع.
