‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص تاريخية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص تاريخية. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 16 أكتوبر 2025

 بفضل اتفاق.. نجت النمسا من حرب أهلية مدمرة

بفضل اتفاق.. نجت النمسا من حرب أهلية مدمرة

بفضل اتفاق.. نجت النمسا من حرب أهلية مدمرة

                                  رسم يصوّر إحدى المعارك خلال الثورة المجرية

الإمبراطورية النمساوية صمدت لأربعة عقود وحافظت على وحدتها بفضل الاتفاقية مع المجر

شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر تقلبات سياسية بارزة في أوروبا. في فرنسا، أدت ثورة عام 1848 إلى تنازل الملك لويس فيليب الأول عن العرش وإعلان الجمهورية الثانية، التي انتخب نابليون الثالث رئيساً لها. بعد سنوات قليلة، أعلن نابليون الثالث نفسه إمبراطوراً لفرنسا. جنوباً، تصاعدت المطالب بالوحدة الإيطالية بالتزامن مع صعود مملكة سردينيا. في الوقت ذاته، برزت بروسيا كقوة إقليمية وتولت مهمة توحيد الدويلات الألمانية. وفي خضم هذه الأحداث، مثلت إمبراطورية النمسا واحدة من أضعف الحلقات بأوروبا حيث واجهت أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية هددت بتفككها.

بفضل اتفاق.. نجت النمسا من حرب أهلية مدمرة

الوضع العام بإمبراطورية النمسا

خلال العام 1804، أعلن الإمبراطور فرانسيس الأول (Francis I)، المنحدر من عائلة هابسبورغ، قيام إمبراطورية النمسا. ومنذ البداية، واجهت إمبراطورية النمسا العديد من الأزمات حيث اضطرت، برفقة حلفائها الأوروبيين، لمواجهة أطماع نابليون بونابرت وخوض غمار حروب مدمرة ضد الفرنسيين. وبالسنوات التي تلت مؤتمر فيينا عام 1815، واجهت إمبراطورية النمسا مصاعب اقتصادية واجتماعية وسياسية. 

إلى ذلك، تعد إمبراطورية النمسا خليطاً من العرقيات حيث تتكون من النمساويين والمجريين والتشيكيين والسلوفاكيين والبولنديين والكرواتيين والصرب والبوسنيين والرومانيين. وإضافة للاختلاف الثقافي بينها، لا تتكلم، في الغالب، هذه العرقيات المقيمة بالإمبراطورية النمساوية نفس اللغة. من ناحية أخرى، شهدت الإمبراطورية النمساوية انتشار سياسة التمييز حيث لم يسمح سوى للنمساويين بالحصول على الوظائف الإدارية والمناصب الحساسة والتعليم الجيد. وفي المقابل، أثقلت السلطات النمساوية كاهل بقية العرقيات بالضرائب كما عانت المناطق التي قطنوا بها من الإهمال ونقص بالمرافق الأساسية.

أثارت هذه العوامل توتراً في إمبراطورية النمسا. في عام 1848، شهدت البلاد امتداد ثورات "ربيع الشعوب". في تلك الفترة، استعانت النمسا بروسيا لقمع هذه الثورات، خاصة في المجر، بالحديد والدم، مما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى.

تراجع نفوذ النمسا

وخلال السنوات التالية، عاشت إمبراطورية النمسا على وقع مزيد من الأزمات. فعام 1859، هُزمت عسكرياً على يد فرنسا ومملكة سردينيا وقبلت بسحب قواتها من الشمال الإيطالي. وعام 1866، تلقت فيينا هزيمة عسكرية أكثر قسوة بمعركة سادوا (Sadowa) ضد البروسيين التي خسرت خلالها ما يزيد عن 40 ألف عسكري. 

وعقب هذه المعركة، أصبحت العاصمة فيينا بمرمى نيران الجيش البروسي الذي كان قادراً حينها على التقدم واحتلال فيينا لولا تدخل المستشار البروسي بسمارك الذي فضّل حينها الانسحاب وكسب ود النمسا مستقبلاً بدل إذلالها. وعقب هذه الحرب ضد البروسيين، خسرت إمبراطورية النمسا هيبتها وفقدت هيمنتها على الدويلات الألمانية ومسألة الوحدة الألمانية.

اتفاق لتجنب حرب أهلية

أمام هذا الوضع الجديد للنمسا على الساحة الأوروبية، تحرك المجريون مطالبين بمزيد من الاستقلالية. وارتفعت في بودابست أصوات طالبت بالاستقلال عن النمسا وإنشاء دولة مستقلة. خوفاً من اندلاع حرب أهلية، وافق الإمبراطور النمساوي فرانز جوزيف الأول على اعتماد "الاتفاق النمساوي المجري". بموجب هذا الاتفاق، الموقّع في 18 فبراير (شباط) 1867، تغير اسم الدولة ليصبح الإمبراطورية النمساوية المجرية، ليحتفظ فرانز جوزيف بلقب إمبراطور النمسا ويحصل في الوقت ذاته على لقب ملك المجر.

من ناحية أخرى، حظيت المجر بحكومة وبرلمان مستقلين عن النمسا، كما سُمح لها باعتماد قوانينها الخاصة. بعد هذا الاتفاق، ظلت مسألتا الدفاع والشؤون الخارجية مشتركتين بين النمساويين والمجريين. وقد ساهم هذا الاتفاق في منع اندلاع حرب أهلية في الإمبراطورية النمساوية، التي صمدت لنحو 4 عقود أخرى قبل أن تنهار وتتفكك عقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

الخميس، 4 سبتمبر 2025

 بفضل اختراعه.. رجل حسّن حياة البشر ومات فقيراً

بفضل اختراعه.. رجل حسّن حياة البشر ومات فقيراً

 بفضل اختراعه.. رجل حسّن حياة البشر ومات فقيراً

الفلكنة ساهمت في تحسين جودة المطاط الذي أنتجت منه العديد من الأشياء الأساسية 

على مر التاريخ، لعبت الصدف والحظ دورا هاما في ظهور العديد من الابتكارات التي سهلت حياة البشر. فعام 1928، ساهمت الصدف في ظهور البنسلين على يد العالم الأسكتلندي ألكسندر فلمنج (Alexander Fleming). وعام 1945، كان للحظ دور هام في ابتكار بيرسي سبنسر (Percy Spencer) للميكروويف. أيضا، ساهمت الصدف في ظهور ابتكارات أخرى مثل أشعة أكس والديناميت والصمغ القوي سريع المفعول ومنظم ضربات القلب.

وإضافة لكل ذلك، تنظم الفلكنة (Vulcanization) لقائمة الابتكارات التي ظهرت صدفة، على يد المخترع الأميركي شارل غوديير (Charles Goodyear)، حيث ساعدت الأخيرة في انتشار استخدام المطاط وساهمت لاحقا في بروز العديد من الأشياء التي سهلت حياة البشر.

ديون وسجن

ولد المخترع الأميركي شارل غوديير أواخر ديسمبر (كانون الأول) 1800 بمنطقة نيوهافن (New Haven) بولاية كونيتيكت (Connecticut). وبمسيرته، لم يحظ شارل غوديير بتعليم جامعي حيث درس أساسا بمنزل والده وبعدد من المدارس المحلية. وبالسابعة عشرة من عمره، عمل شارل غوديير بمؤسسة والده المختصة في صناعة الأدوات المعدنية. وفي الأثناء، لم يحقق مشروع والده أي نجاح يذكر حيث أجبر الأخير على إعلان إفلاسه وإغلاق المؤسسة بسبب تراكم ديونه.

إلى ذلك، لم تختلف المسيرة المهنية لشارل كثيرا عن مسيرة والده. فعلى مدار سنوات، حاول هذا المخترع الأميركي الاستثمار وبعث مشاريع. وبكل مرة، عرفت طموحاته فشلا ذريعا واضطر لإعلان إفلاسه بمناسبات عدة، كما تعرض للسجن ذات مرة بسبب تراكم ديونه وعدم قدرته على سدادها.

ابتكار غير حياة البشر

وعلى الرغم من عدم امتلاكه لتكوين علمي، أبدى شارل غوديير خلال ثلاثينيات القرن التاسع عشر اهتماما شديدا بالمطاط. فبتلك الفترة، عانت هذه المادة من عيوب عديدة حيث أصبحت لينة وملتصقة بدرجات الحرارة العالية بينما تحولت لحالة صلبة، قابلة للانكسار، بالطقس البارد. من جهة أخرى، عانى المطاط من التآكل وظهور الفطريات عليه ورائحة كريهة عند تخزينه. ومن جهته، حاول شارل غوديير تحسين خاصيات المطاط بمناسبات عديدة عن طريق إضافة مواد أخرى له.

وصدفة عام 1839، أسقط شارل غوديير دون قصد، وبشكل عفوي، بعض المطاط الذي خلطه بالكبريت على موقد ساخن. وخلافا لكل توقعاته، اكتسب هذا المطاط خاصية جديدة حيث أصبح أكثر صلابة وتمططا ومقاوما للحرارة. وانطلاقا من ذلك، ظهرت عملية الفلكنة (Vulcanization) التي سميت كذلك نسبة لإله النار بالأساطير الرومانية فولكانوس (Vulcanus). وبهذه العملية المعروفة بالفلكنة، يضاف الكبريت للمطاط لجعله ذا درجة تحمل أكبر.

وبفضل هذا الاكتشاف، الذي حصل على براءة اختراعه عام 1844، ساهم شارل غوديير في انتشار استخدام المطاط الذي أصبح يعتمد بمجالات عديدة بحياتنا اليومية كصناعة إطارات السيارات والباكن والأنابيب. وعلى الرغم من هذا الابتكار الذي أثر على حياة البشر، توفي شارل غوديير عام 1860 فقيرا دون أن يسدد ديونه.