بعد انتقاد السيسي لزيادة فاتورة استيراده.. لماذا لا يصنّع محلياً ؟
أنفقت مصر 512 مليون دولار على رقائق الألومنيوم "الفويل" المستورد خلال السنوات العشر الأخيرة، بحسب ما أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي تسائل خلال كلمة له، عقب افتتاحه محطة قطارات صعيد مصر في بشتيل، لماذا لا يتم تصنيعه محلياً؟
ليس فقط ورق الفويل الذي انتقد الرئيس المصري عدم تصنيعه محلياً، إذ شملت القائمة العطور ومستحضرات التجميل والشوكولاتة والهواتف المحمولة والأجبان، والتي كبدت الدولة مليارات الدولارات لاستيرادها خلال الفترة من عام 2014 وحتى 2023.
أزمة تصنيع الفويل
قبل نحو أسبوع انتقد نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، كامل الوزير، في كلمة له أمام مجلس النواب، استيراد بلاده ورق ألومنيوم "فويل" بقيمة 140 مليون دولار سنوياً، قائلاً: "لو ليا ولاية على الناس هاقولهم ماتكلوش حاجة سخنة في فويل".
"احتياجات القطاع المنزلي في مصر تستحوذ على 30% فقط من إجمالي استهلاك الفويل في البلاد، لكنه يستخدم بنسب أكبر وأهم في قطاعات صناعية أساسية مثل الأدوية والمبردات"، بحسب ما قاله الخبير الاقتصادي مدحت نافع، والذي ترأس الشركة القابضة للصناعات المعدنية في مصر عام 2018، حين كانت تتطلع الشركة لإنشاء مشروع ضخم لتصنيع الفويل داخل مصانع شركة مصر للألومنيوم بنجع حمادي.
روى نافع تفاصيل توقف مشروع إنتاج الفويل محلياً، إذ قال "الشركة القابضة للصناعات المعدنية تلقت وقت رئاستي لمجلس إدارتها قبل 6 سنوات، مقترحاً جيداً من أحد الخبراء العاملين بقطاع الألومنيوم لتنفيذ مشروع لإنتاج ورق الفويل محلياً بطاقة 60 ألف طن.. كان مشروعاً جيداً وقمنا بدراسته تمهيداً لتنفيذه داخل شركة مصر للألومنيوم".
وقال نافع: "المشروع كان يتطلب استثمارات ضخمة، لكنه كان في مقدمة أولويات الشركة القابضة قبل تقدمي باستقالتي عام 2020 وكانت الشركة القابضة جاهزة بشكل كامل لتمويله لكن اصطدمت بأمرين، الأول أن تنفيذ المشروع يتطلب تحديث خطوط الإنتاج الرئيسية لشركة مصر للألومنيوم أولاً وهو الأمر الذي خلق تحديات تمويلية للمشروع، والثاني تغيّر أسعار الكهرباء في البلاد".
وأضاف: "الكهرباء تمثل مكوناً هاماً جداً في صناعة الألومنيوم، فهي مُدخل إنتاج وليست مجرد مصدر طاقة.. أسعار الكهرباء زادت خلال الفترة من 2018 حتى 2020 بنسبة كبيرة جداً وهو الأمر الذي أثر بشكل واضح على جاذبية الاستثمار في قطاع الفويل وعطل مساعي الشركة لجذب استثمارات خاصة للمشروع"، بحسب نافع.
"ارتفاع أسعار الكهرباء دفع الشركة القابضة للبحث عن بدائل أرخص للطاقة لشركة مصر للألومنيوم، ومن هذه البدائل إنشاء مزرعة طاقة شمسية عملاقة، وهو الأمر الذي ساهم في تأخر مشروع الفويل، رغم أنه كان في مقدمة أولويات الشركة بسبب زيادة تكلفة استيراده على الدولة".
مشروع جديد في الطريق
قال مسؤول حكومي إن شركة مصر للألومنيوم التابعة لقطاع الأعمال العام، تعكف حالياً على إعداد دراسة جدوى مشروع جديد لإنتاج ورق الفويل محلياً. وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن شركة مصر للألومنيوم كان لديها دراسة جدوى سابقة لمشروع مشابه، لكنه تعد حالياً دراسة جديدة تتناسب مع وضع السوق.
لم يحدد المصدر الجدول الزمني لتنفيذ المشروع ولا كيفية مساهمته في تقليل فاتورة استيراد بلاده من ورق الفويل، لكنه قال "بمجرد انتهاء دراسة الجدوى سيتضح الأمر وسنحدد موعد التنفيذ والتشغيل وحجم الإنتاج المتوقع".
وقبل شهر، أعلنت شركة مصر للألومنيوم بدء مشاورات ومناقشات جادة مع شركة ACHENBACH الألمانية لتوفير الاستثمار والتمويل لمشروع إنتاج رقائق الألومنيوم «الفويل» بتكلفة تقديرية 100 مليون دولار، دون أن تفصح عن مزيد من التفاصيل.
مصر تنتج الفويل منذ عشرات السنين
وعلى الرغم من انتظار مصر منذ سنوات تصنيع الفويل محلياً، لكن الرئيس الأسبق للشركة القابضة للصناعات المعدنية مدحت نافع، كشف عن أن مصر كانت تنتج رقائق الألومنيوم منذ عشرات السنين، داخل شركة النحاس المصرية التي تأسست عام 1938، والتي كانت تمتلك خط إنتاج للفويل، لكنه توقف قبل سنوات لعدة أسبابها من بينها تقادم الخط، غير أنه كان منفذاً على قطعة أرض لم تعد ملكاً للشركة. وأضاف: بجانب شركة النحاس المصرية كان يتم إنتاج الفويل داخل بعض المصانع الأخرى، لكن حجم الإنتاج لم يكن كافياً لتلبية احتياجات البلاد.
هل تنجح مصر في إعادة تصنيع الفويل؟
يرى نافع أن مصر تمتلك كل مقومات تصنيع الفويل محلياً، فهي تملك الكهرباء والألومنيوم، وينقصها فقط المادة الخام (الألومينا). وقال إن نجاح خطة تصنيع الفويل في مصر يتطلب زيادة جاذبية الاستثمار في القطاع، عبر حل مشكلة الكهرباء في البلاد والتي تمثل 40% من تكلفة إنتاج رقائق الألومنيوم، مضيفاً "الأمر يتطلب وضوح الرؤية للمستثمرين فيما يخص أسعار الكهرباء.. لازم أسعار الكهرباء تصبح أكثر استقرار في القطاع الصناعي".