تبادلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن وقوات الحكومة
الاتهامات باستخدام تنظيمي القاعدة وداعش في الحرب المستمرة منذ أكثر من
أسبوعين في الجنوب، في وقت ذكّرت وزارة الدفاع الأميركية حلفاءها بالتزامهم
محاربة الجماعات المتشددة.
بدأت الاتهامات بعد تعرض قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى للانفصال عن شمال اليمن، لكمين في مدينة أبين السبت الماضي.
واحتفل محسوبون على الحكومة بالكمين واعتبروه نصرا لقوات
"الجيش الوطني"، لكن موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي قالوا إن "أنصار
الشريعة" أعلن مسؤوليته عن الكمين، ثم نشر آخرون أن تنظيم داعش أعلن
مسؤوليته عن الحادث.
ورأى المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم في
حديث مع "موقع الحرة" أن هذا "دليل جديد على علاقة الحكومة والقوات التي
يقودها علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح بالتنظيمات المتطرفة واستخدامهم لها
ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي".
ورغم وجود طرفي الأزمة في جدة من أجل التفاوض، لا تزال
المعارك مستمرة بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف "دعم الشرعية"
بقيادة السعودية، وبين قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يقاتل في نفس
التحالف الذي تأسس في 2014 لقتال الحوثيين الذين انقلبوا على حكومة الرئيس
عبد ربه منصور هادي، والمدعومين من إيران.
اتهام باطل
يصف وكيل وزارة الثقافة في الحكومة اليمنية، عبد الهادي
العزعزي، اتهام القوات الحكومية بالتعاون مع "أنصار الشريعة" أو غيرها من
التنظيمات المتطرفة بأنه "اتهام باطل وزيف"، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك هو
محاولتهم "كسب تعاطف دولي للحصول على دعم دولي ولتبرير تمردهم العسكري ضد
السلطة الشرعية للجمهورية اليمنية".
وسيطر الانفصاليون في 10 أغسطس على مدينة عدن، العاصمة
المؤقتة للحكومة، إثر اشتباكات مع القوات الحكومية قتل وأصيب فيها عشرات،
قبل أن يدفعوا القوات الحكومية لمغادرة معسكرين في محافظة أبين القريبة،
التي تتمركز فيها قوات "الجيش الوطني"، الموالية لنائب الرئيس علي محسن
الأحمر، الجنرال السابق في الجيش اليمني والذي يقال إنه مقرّب من حزب
التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، كما أنّه هو
حليف قديم للسعودية.
وقال العزعزي لـ"موقع الحرة": "تحاول هذه الجماعة الضغط على
الحكومة والسلطة لتمرير أجنداتها الخاصة وانقلابها على السلطة الشرعية عبر
إلصاق تهمة الإرهاب ضد الحكومة وضد أحد الأحزاب المنضوية في التحالف
السياسي الداعم للحكومة الشرعية والسلطة عموما".
ويقاتل الانفصاليون الجنوبيون وقوات الحكومة معا في صفوف
التحالف ضد المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق في البلد الفقير
منذ 2014.
ويقول المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم،
بدوره، لـ"موقع الحرة" إن علي محسن الأحمر معروف عنه أنه منذ عام 1994
وقبلها كان يجند الأفراد الذين كان يرسلهم إلى أفغانستان، ثم في حرب 1994
كان رأس الحربة ضد الانفصاليين".
ويضيف أن جزءا كبيرا يتمثل في "نحو 70 في المئة من قوات هادي
من العناصر الإرهابية،" مشيرا إلى أن "متشددين من تنظيم القاعدة وأنصار
الشريعة أعطوهم مناصب قيادية في الجيش في 2015 مثل مهران القباطي قائد
اللواء الرابع في الحماية الرئاسية".
لكن العزعزي يقول إنهم "يحاولون بهذه الإسطوانة المشروخة
إخفاء دورهم المشبوه باحتضان الكيانات الإرهابية التي أخرجوها من السجون،
وهي متهمة بارتكاب أعمال إجرامية ومهاجمة المؤسسات وقوات الجيش اليمني في
المحافظات الجنوبية، مثلما أخرجوا أحد قادة القاعدة في أبين ويدعى خالد عبد
النبي من سجون عدن".
وأضاف العزعزي أن "القوات التي تقاتل في شبوة وعدن وأبين هي
قوات الجيش الوطني وكلهم من أبناء المحافظات الجنوبية يدافعون عن الجمهورية
ضد تمزيق اليمن".
ونفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) صحّة التقارير التي
تشير إلى استخدام القوات الحكومية تنظيم "أنصار الشريعة"، لكنها "ذكّرت
بالتزام الولايات المتحدة وحلفائها بمقاتلة الإرهابين والقضاء عليهم بما في
ذلك تنظيم القاعدة في اليمن"، في تصريح لـ"موقع الحرة".
وشدد المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع على أن "البنتاغون، وعلى
غرار تصفية حمزة بن لادن الخميس الماضي، ماض في ملاحقة قيادييّ التنظيم
والقضاء عليهم من دون أي مهادنة".
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يشتبك فيها الانفصاليون
التابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي مع الوحدات الموالية للرئيس هادي
متّهمين حكومته بـ"الفساد" وبالسماح بتنامي نفوذ الاسلاميين داخل سلطته
والتأثير على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا أعضاء في حزب "التجمع
اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
لكن رغم قتال المتمردين معا، يخوض الانفصاليون والقوات
الحكومية معركة ترسيخ نفوذ محتدمة في الجنوب، وخصوصا في عدن، عاصمة الدولة
الجنوبية السابقة قبل اتحادها مع الشمال عام 1990 وولادة اليمن الموحد.
ويرى عبد الهادي العزعزي، وكيل وزارة الثقافة في حكومة هادي
أن قوات المجلس الانتقالي الجنوبي تشعر "بفقدان الحجة السياسية" في مشروع
فصل الشمال عن الجنوب وتحاول تجنب إدانتها من قبل لجنة المراقبين الدوليين،
التي تم إنشاؤها بموجب القرار 2216، من خلال "خلق مبررات أخرى مستغلة اسم
جماعة أنصار الشريعة"، التي كانت تسيطر على محافظة أبين في العام 2013
وطهرها الجيش اليمني حينها.
ويتساءل: "كيف يتهمون الحكومة باستخدام تنظيم أنصار الشريعة
في أبين وهم المسيطرون على الأرض وأصحاب اليد العليا في محافظات أبين وعدن
والضالع وشبوه؟".
0 Comments: