السبت، 4 يناير 2020

هل تساهم السياسات الأمريكية فى إشعال الشرق الأوسط؟..

مواقف أمريكية رمادية تجاه الأزمتين السورية والليبية.. مقتل سليمانى يثير ردود أفعال رافضة فى العراق ولبنان.. وتغريدات سابقة لترامب تكشف رفضه لسياساته الحالية 

 

ما أشبه الليلة بالبارحة، فعلى مدار سنوات طويلة عوّلت دول المنطقة على سياسات الولايات المتحدة الأمريكية كداعم لحقوقها فى مواجهة أى نوايا حول التدخل بالمنطقة أو الاعتداء على مصالحها حتى أدركت تمامًا أن الإدارة الأمريكية لا تعمل إلا لخدمة مصالحها فى المنطقة، وهو ما أكدت عليه سياسات واشنطن خلال الآونة الأخيرة.
ومع اشتداد الأزمة السورية وإعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عملية نبع السلام العسكرية، ظهرت التصريحات والتعليقات الأمريكية كالرافض للاعتداء على الأراضى السورية، خاصة مع تحذير الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لنظيره التركى من الهجوم على سوريا وليس على حدود تركيا كما يزعُم، فقد قامت واشنطن فى التوقيت ذاته بسحب قواتها فى سوريا، ما جعل الموقف الأمريكى فى ذاك الوقت مثيرًا للانتباه فقد أتت الأفعال والأقوال متقاطعة تحمل الإشارة إلى أن المصالح الأمريكية فوق الجميع وأمن واستقرار المنطقة.
 
تويت ترامب (1)
 
والآن ومع إقرار البرلمان التركى إرسال قوات تركية إلى الأراضى الليبية بموجب اتفاق باطل أبرمه أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الغرى شرعية، فايز السراج، يأتى الموقف الأمريكى مُشابهًا إلى حد كبير مع الموقف السابق ذكره بما يخُص الملف السورى، فقد حذر الرئيس الأمريكى أردوغان من تداعيات التدخل فى ليبيا، لافتًا إلى أن ذلك يُعقد من الوضع فى ليبيا، بحسب ما جاء فى اتصال هاتفى جمع بين الرئيسين مساء الخميس، بعد ساعات من إعلان البرلمان التركى موافقته على التعدى على الأراضى الليبية، هذا وجاء فى مضمون الاتصال ذاته الحديث عن الأزمة السورية والتأكيد على ضرورة خفض التصعيد فى سوريا بمنطقة إدلب، وكأن المنطقة لا يُكتب لها الاستقرار ففى الوقت الذى يُتفق فيه على التهدئة فى سوريا يأتى التصعيد فى ليبيا!!
 
القرار التركى بالتعدى على السيادة الليبية تبعه بساعات إعلان وزارة الدفاع الأمريكية عن مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى بالقرب من مطار بغداد فى العراق كإجراء دفاعى لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج بناء على توجيهات «ترامب»، وذكرت أن «سليمانى» أقرّ الهجمات على السفارة الأمريكية فى العراق، معتبرة أن قتله يهدف لردّع إيران، فى محاولة لإقناع دول المنطقة أن هذه الضربة العسكرية تأتى فى صالح استقرار الشرق الأوسط. 
 
تويت ترامب (2)
 
فيما أتى مقتل سليمانى وسط عدد من الآراء المتباينة، فمنها من يرى تسببها فى مزيد من التوتر فى منطقة الشرق الأوسط، وانتقد المرشح الديمقراطى للانتخابات الرئاسية الأمريكية، جو بايدن فى بيان له، أمس الجمعة، مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى وفى هذا التوقيت، مشيرًا إلى رؤيته بأن الإدارة الأمريكية فى ظل ولاية ترامب لم تثبت يومًا بُعد نظرها، موضحًا أن سليمانى كان يجب مثوله أمام العدالة لمحاسبته على الجرائم التى ارتكبها بحق القوات الأمريكية وآلاف الأبرياء، بحسب قوله، وأضاف أن ما قامت به الإدارة الأمريكية سيعمل على زيادة ما وصفه بعدوانية إيران فى المنطقة، كما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، عبر حسابها الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، على أن واشنطن تبدو مهتمة فى هذا التوقيت بتغيير ميزان القوى فى الشرق الأوسط، بحسب «روسيا اليوم»، وقالت: «إن الضربة الصاروخية الأمريكية على بغداد لن تؤدى إلا إلى زيادة التوتر بالمنطقة».
 
ربما تأتى ردود الفعل الإيرانية فور مقتل سليمانى لتشير إلى فترة مقبلة متوترة فى الشرق الأوسط، خاصة فى ظل اعتماد طهران على الحرب بالوكالة وتجنيد فروع وميليشيات تخدم توجهاتها فى عدد من دول المنطقة، وأيضًا كونها ضمن النسيج الديمغرافى فى بعض من الدول العربية، وتوعدت ميليشيات الحوثى باليمن بالرد الذى وصفته بـ«السريع والمباشر» على اغتيال سليمانى فى القواعد المنتشرة، بحسب رئيس ما يُعرف باسم اللجنة الثورية العليا لجماعة الحوثى باليمن، محمد على الحوثى. وفى سياق متصل، أدان رئيس الوزراء العراقى المستقيل، عادل عبدالمهدى مقتل سليمانى معتبرًا ذلك عدوانًا على العراق دولة وحكومة وشعبًا، كونه كان يشغل منصبًا رسميًا، ودعا الرئيس العراقى برهم صالح جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مشيرًا إلى وعى الحكومة العراقية إلى أن مقتل قائد الحرس الثورى الإيرانى سيترتب عليه تداعيات أمنية فى العراق والمنطقة. 
 
هذا واستنكرت الخارجية اللبنانية اغتيال سليمانى، مطالبة بضرورة تجنيب المنطقة تداعيات هذه العملية الأمريكية وإبعاد لبنان عن الآثار السلبية المتوقعة لذلك الأمر، خاصة فى ظل حاجة لبنان إلى الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى.
 
وكشف عدد من المغردين الأمريكيين، عبر موقع التدوينات القصيرة، تويتر، عن رفض ترامب شخصيًا للتدخل فى شؤون ليبيا أو التصادم مع إيران، وذلك فى تغريدة سابقة له تعود إلى نوفمبر من عام 2011 أى قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية فى ذاك الوقت، وأيضا فى عام 2012، لافتًا إلى أن سياسات الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما تبدو يائسة، وأنه يُقدم على مهاجمة ليبيا وإيران كمحاولة لزيادة شعبيته، محذرًا من تداعيات ذلك.
SHARE

Author: verified_user

0 Comments: