على يد حريم القصر.. تعرف على مؤامرة شهيرة لاغتيال ملك مصري
شغلت مشاهد محاولة اغتيال المرشح الأميركي لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب العالم خلال الساعات الماضية، ولكن يبدو أن عمليات اغتيال الرؤساء والملوك ليست بالأمر الحديث، حيث لجأ الكثيرون في كل الحضارات القديمة إلى عمليات الاغتيال لإقصاء منافسيهم، أو حل مشكلات السياسة والحكم، ومن بينهم البعض في الحضارة المصرية القديمة.
في هذا الشأن، يقول كبير الأثريين في وزارة السياحة والآثار الدكتور مجدي شاكر، إن المصريين القدماء عرفوا المكائد السياسية والاغتيالات قبل آلاف السنين، وذكرت وقائع الاغتيال على جدران المقابر والجداريات القديمة.
اغتيال الملك إمنمحات الأول
كما قال إنه في عصر الدولة الوسطى، تم اغتيال أول ملوك الأسرة الـ12 الملك إمنمنحات الأول في العالم الـ30 من بداية حكمه لمصر، وأن عملية الاغتيال تمت على إثر إحدى المؤامرات التي دبرت من داخل قصره على يد حريم القصر وجنود الملك، وقد ذكر في بردية "سنوهي" أن الملك إمنمحات الأول اغتيل في اليوم السابع من الشهر الثالث من شهور الفيضان في العام الثلاثين من حكم الملك.
وأضاف أن هذه النهاية المأساوية للملك أمنمحات الأول التي تعرفنا عليها من خلال بردية عرفت باسم "نصائح الملك أمنمحات لابنه"، والتي يشرح فيها أمور الحكم، ويوضح كيف قام الأعداء بقتله، ولا شك أن البردية قد كتبت بعد موت الملك، وقد ظهرت وكأنها على لسانه من العالم الآخر، وكأن "سنوسرت" قد حفظ وصية والده وهو الملك الذي تولى العرش من بعده.
مؤامرة الحريم
كما كشفت دراسة تحليلية جديدة أن الفرعون المصري "رمسيس الثالث" الذي حير موته المؤرخين على مدى قرون مات مذبوحا في مؤامرة من أجل عرش مصر من تدبير إحدى زوجاته وأحد أبنائه بمعاونة حريم القصر وبعض رجال الجيش أيضا، فيما عرف بـ"مؤامرة الحريم".
ويؤكد الخبير الأثري مجدي شاكر أنه من خلال الأشعة المقطعية ظهر وجود قطع عميق وكبير تحت الضمادات التي تغطي حلقوم الملك المحنط ولا يمكن إزالتها حفاظا على المومياء. كما تم العثور على تميمة صغيرة غرست في الجرح بحلق الفرعون وضعها المحنطون على أمل أن تعمل على التئام الجرح في الحياة الآخرة.
المؤامرة الأشهر في التاريخ المصري القديم
ويرجع اغتيال الملك "رمسيس الثالث" نتاج المؤامرة والمحاكمة الأشهر في التاريخ المصري القديم، وقد وصلت إلينا تفاصيل هذه المؤامرة من "البردية القضائية"، وسبب تدبير هذه المؤامرة هو أن الملك "رمسيس الثالث" لم يحدد من من بين أبناء زوجاته الملكيات الكبريات سيرث العرش من بعده، ويبدو أن هذا الأمر دفع إحدى زوجاته وتدعى "تي" للعمل من أجل تولي نجلها "بنتاؤر" مقاليد الحكم.
فدبرت "تي" مع نجلها حركة تمرد فعلي على الملك "رمسيس الثالث"، حيث صممت الأولى على قتل زوجها الملك لضمان أن يكون العرش لنجلها بعدما علمت أن الملك سيولي من بعده ابنا آخر، وقد اشترك معها في تدبير المؤامرة اثنان من كبار موظفي القصر، وهما "مسـد سـو رع"، و"ﭙـا بـاك آمـون"، وقد كانت مهمة الأخير في داخل القصر وخارجه هي توصيل رسائل الحريم إلى أمهاتهن وأخواتهن، ومن بينها رسالة تقول "أثيروا القوم، حَرِّضوا الأعداء ليبدأوا الأعمال العدائية ضد سيدهم".
إثارة الفرق المتعسكرة في النوبة
واشترك في المؤامرة أيضاً بعض الضباط وحراس القصر، وأحد الكهنة، و6 من نساء الحريم عملن كوسطاء بين الملكة وشركائها في الخارج، وقبل أن يسدد المتآمرون ضربتهم، عملوا على إثارة الفرق المعسكرة في بلاد "النوبة" لتشق عصا الطاعة ضد الملك، ولتقوم بهجوم مفاجئ على مصر، وتمكن المتآمرون من كسب رئيس الفرقة إلى صفهم. ولم تكتف "تي" وأعوانها بجمع الأنصار فقط، بل لجأوا للسحر ليستعينوا به على جلب الضر والبلاء على الملك وأعوانه.
قطع ذبحي بالرقبة أحدثه القاتل من الخلف
ويؤكد الخبير الأثري للعربية.نت أن تفاصيل هذه المؤامرة مثار مناقشة كثير من الباحثين، فقد أعلن الفريق المصري لدراسة المومياوات الملكية رسميا عن كشف أثري مهم حول حقيقة مومياء الملك "رمسيس الثالث" وظروف وفاته، إذ تم الكشف والتأكد من أن الملك قتل بسكين حاد تسبب في قطع ذبحي في الرقبة أحدثه القاتل الذي فاجأ ضحيته من الخلف.
المحاكمة الأشهر في التاريخ المصري القديم
وأعقب المؤامرة الأكبر، محاكمة شهيرة يحسب الخبير الأثري مجدي شاكر، حيث تم القبض على كل المتهمين والمتواطئين في قضية قتل الملك "رمسيس الثالث"، وفي أثناء حجز المتهمين بالسجن فترة التحقيقات كشفت التحريات أن رئيس الشرطة وقاضيا من أعضاء المحكمة قضوا وقتا حافلا من الرقص والمرح مع المتهمات السجينات في مقابل التأثير على قرار المحكمة، فتم القبض عليهما والحكم عليهما بالإعدام.
مصير مجهول للمملكة "تي"
وهذا أيضا ما تم مع عدد من المشاركين في المؤامرة، حيث حكم عليهم أن يقتلوا أنفسهم بأيديهم، بينما حكم على آخرين بالسجن، وببتر الأعضاء وحرقوا بالنار ووزع رماد أجسادهم على طرقات مصر ليمنعوا من الخلود بحسب المعتقدات القديمة. ويقول شاكر إن مصير الملكة "تـي" العقل المدبر للمؤامرة لا يزال مجهولاً، وذلك لأن الوثائق لم تسجل الجزاء الذي نالته.
0 Comments: