بعد البروتوكول العسكري.. مصر ترسل أسلحة إلى الصومال
ذكرت 3 مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية أن مصر سلمت مساعدات عسكرية للصومال، هي الأولى منذ أكثر من 4 عقود، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر بين البلدين من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر.
وتعززت العلاقات بين مصر والصومال هذا العام بعد أن وقعت إثيوبيا اتفاقا مبدئيا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية لاستئجار منفذ ساحلي مقابل اعتراف محتمل باستقلالها عن الصومال، وفقا لوكالة "رويترز". ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه تعد على سيادتها وقالت إنها ستعرقله بكل الطرق الممكنة.
من جانبها، نددت مصر بالاتفاق مع أرض الصومال، كما أن القاهرة على خلاف مع أديس أبابا منذ سنوات بسبب بناء إثيوبيا لسد ضخم على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية. ووقعت مصر بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر وعرضت المشاركة بقوات في بعثة حفظ سلام جديدة في الصومال.
دلالة الاتفاق العسكري
ويتسق البروتوكول الأخير مع آخر دفاعي مع تركيا أواخر فبراير الماضي، يتضمن دعم الأصول البحرية للدولة الواقعة في القرن الإفريقي، و"ردع" جهود إثيوبيا لتأمين الوصول إلى البحر عن طريق منطقة أرض الصومال.
ويستعرض محللون عسكريون وسياسيون، في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، دلالة الاتفاق العسكري بين مصر والصومال، وإن كان يؤثر ذلك على العلاقات الاستراتيجية بينهما.
ويرى المحللون أن القاهرة تضع نصب عينيها في المقام الأول الاتفاق بين إثيوبيا مع "أرض الصومال" يناير الماضي، والذي أثار انتقادات واسعة، ومن ثمَّ تسعى بشكل مباشر لتعزيز علاقاتها العسكرية مع الصومال بشكل خاص ومنطقة القرن الإفريقي بشكل عام؛ لمواجهة ما يمثله الاتفاق الإثيوبي من تهديدات لمصالحها وأمنها القومي، في حين استبعدوا أن يتعارض الاتفاق المصري الصومالي، مع اتفاق مقديشو مع أنقرة.
ما هدف اتفاق القاهرة ومقديشو؟
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، إن البروتوكول العسكري الذي جرى توقيعه بين مصر والصومال، يستهدف بشكل أساسي دعم القاهرة لمقديشو، ما يعني تحقيق هدفين مباشرين: الأول القضاء على الإرهاب ممثلا في منظمة الشباب التي خرجت من عنق الجماعات المتطرفة، والثاني وقف التغول الإثيوبي على الأراضي الصومالية، بعد الاتفاق "غير القانوني" بين أديس أبابا وصومالي لاند.
وعن مدى تعارض الاتفاقيتين العسكريتين لمصر وتركيا مع الصومال، شدد الخبير العسكري على أن "أنقرة لا علاقة لها بالاتفاق المصري الصومال على الإطلاق، بل تهدف مصر لتعزيز قدرات الجيش الصومالي للقضاء على الإرهاب ومواجهة التهديدات التي تمس سيادتها، ولهذا ستقوم مصر بإرسال قوات في إطار بعثة الأمم المتحدة للمساهمة في تأمين الصومال".
اتفاق لمصالح استراتيجية
بدوره، اعتبر الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير علي الحفني، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "لا يوجد تعارض بين الاتفاق العسكري لمصر وتركيا مع الصومال، طالما كان الهدف واحدًا، بمساعدة مقديشو على استعادة سيادته واستقراره، والمساهمة في تعزيز الأمن والسلم بمنطقة القرن الإفريقي".
وشدد الحفني على أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة "عادت بقدر كبير إلى مجراها الطبيعي بعد فترة من القطيعة"، إذ شهدنا عودة للمشاورات على أعلى مستوى، بعد زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لمصر، فضلا عن الزيارة المنتظرة للرئيس السيسي إلى تركيا.
وأشار الحفني الذي سبق أن شغل منصب نائب وزير الخارجية المصري، إلى أن "مصر تمتلك مقومات وقدرات كثيرة في مجال التأهيل والتدريب العسكري، وبالتالي ستساعد الصومال في تأهيل الجيش بما يُمكنه من مواجهة الإرهاب، والسيطرة على كافة مناطقها وسط التوتر الراهن".
وأضاف أنه "حينما استشعر الصومال التهديد لسيادته وأمنه القومي، فكان من الطبيعي أنه يسعى لتوطيد علاقاته مع عدد من الدول والاستعانة بها لدعم جهودها من أجل استعادة الاستقرار، وإعادة بناء مؤسساتها بما في ذلك المؤسسة العسكرية".
وأوضح أن "القرن الإفريقي يعد امتدادا للأمن القومي المصري"، ولذا سعت القاهرة لإبرام اتفاقيات أمنية وسياسية مع الدول بهذه المنطقة وخاصة الصومال، جيبوتي، إريتريا؛ للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.