الحاضرون بمعرض باريس العالمي ذهلوا عند مشاهدة برج إيفل وقسم المستعمرات ذي الطابع العنصري
استضافت العاصمة الفرنسية باريس ما بين يومي 5 مايو و31 أكتوبر 1889 نسختها من المعرض العالمي الذي استضاف حينها نحو 29 مليون زائر. وبتلك الفترة، جاءت هذه النسخة من المعرض العالمي بباريس لتتصادف مع الذكرى المئوية للثورة الفرنسية. وأملا في منح نسختها طابعا تذكاريا يخلده التاريخ، افتتحت فرنسا بشكل رسمي خلال تلك السنة برج إيفل (Eiffel Tower) الذي استغرق بناؤه سنتين وأثار مظهره ذهول العالم.
مقاطعة المعرض العالمي بباريس
وبشكل رسمي، حضر هذا المعرض العالمي ممثلون عن دول عديدة تمثلت في كل من الأرجنتين وأندورا وبوليفيا وتشيلي والولايات المتحدة واليونان وكوستاريكا وهايتي والدومينيكان وهاواي والهندوراس واليابان والمغرب والمكسيك وموناكو والنرويج وبلاد فارس والسلفادور وصربيا وجنوب إفريقيا والأوروغواي وسويسرا وفينزويلا ونيوزيلندا.
ومن جهة ثانية، اتجهت العديد من الدول لمقاطعة المعرض العالمي بباريس بسبب طبيعة احتفاله بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية. وقد تواجدت ضمن الدول المقاطعة كل من بريطانيا وألمانيا وهولندا والنمسا وإسبانيا وبلجيكا والبرتغال وروسيا والسويد. وأملا في تجاوز عقبة المقاطعات، اتجهت فرنسا لإرسال دعوات خاصة لعدد من الفنانين والمختصين بالمجال الصناعي بهذه الدول المقاطعة
معرض مثير للجدل
حسب مصادر تلك الفترة، امتد موقع المعرض العالمي بباريس على مساحة قدرت بنحو 96 هكتار توزعت بين كل من ساحة شون دو مارس (Champ-de-Mars)، وقصر تروكاديرو (Trocadéro). وقد احتضنت هذه المناطق عروضا بمجال الصناعة والفن. وفي المقابل، احتضنت المواقع القريبة من قصر ليزانفاليد (Hôtel des Invalides) معارض خصصت للمستعمرات ووزارة الحرب الفرنسية.
من جهة ثانية، مثّل برج إيفل، الذي افتتح أواخر مارس 1889، أبرز ما جذب الحاضرين حيث جاء هذا المعلم الفرنسي ليجسد ما وصفه الفرنسيون حينها بالنجاحات العلمية والصناعية التي حققتها بلادهم منذ فترة الثورة الفرنسية. ولحين نهاية المعرض العالمي بباريس، استقبل برج إيفل حوالي مليوني زائر ممن ذهلوا بطريقة تصميمه.
وبحدث فريد من نوعه بتلك الفترة، احتضن المعرض العالمي بباريس قسما مخصصا للمستعمرات. وقد فضّلت فرنسا حينها تخصيص قسم للمستعمرات لهدفين أساسيين. ففي البداية، حاول الفرنسيون إثبات قوة إمبراطوريتهم الاستعمارية أمام بقية القوى الاستعمارية أملا في إثبات مكانتهم العالمية. من جهة ثانية، حاول المسؤولون الفرنسيون تأجيج الروح الوطنية في صفوف مواطنيهم في خضم فترة الجمهورية الثالثة.
وعلى الرغم من التصميم الرديء، أثار القسم المخصص للمستعمرات فضول الحاضرين الذين ذهلوا عند مشاهدتهم للأشياء التي جيء بها من المستعمرات الفرنسية بمختلف أرجاء العالم. من جهة ثانية، هيمن الطابع العنصري على قسم المستعمرات بالمعرض العالمي بباريس. فبتلك الفترة، أقدم الفرنسيون على جلب عدد من السكان الأصليين بمستعمراتهم بالقوة لعرضهم على الزوار بطريقة مشابهة لما لقّب بحدائق الحيوانات البشرية حينها.
ومن خلال هذا العرض، حاول الفرنسيون تبرير مصطلح المهمة الحضارية الذي استخدموه لاحتلال الدول الأخرى. فضلا عن ذلك، جاء هذا المعرض العالمي بباريس، وعرض قسم المستعمرات، بعد سنوات قليلة فقط من تصريحات الوزير الفرنسي جول فيري (Jules Ferry) التي تحدث من خلالها عن حصول الأعراق المتفوقة على مهمة تطوير وتعليم الأعراق الدنيئة.
0 Comments: