الأمن السيبراني.. سلاح الحروب الحديثة في موازين النفوذ الإقليمي والدولي

الأمن السيبراني.. سلاح الحروب الحديثة

الأمن السيبراني.. سلاح الحروب الحديثة في موازين النفوذ الإقليمي والدولي

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية لم يعد الأمن يقاس فقط بعدد الدبابات أو حجم الجيوش والأسلحه بمعنى آخر القوة الصلبة، بل أصبح يقاس أيضاً بمدى قدرة الدولة على حماية فضائها الرقمي.

إن الأمن السيبراني اليوم ليس مجرد إجراء تقني بل أداة سياسية وإستراتيجية تستخدمها الدول لفرض الهيبة أو حماية المصالح أو حتى شن الحروب من دون إطلاق رصاصة واحدة. فقد أثبتت الهجمات السيبرانية من استهداف شبكات الطاقة إلى التدخل في الانتخابات أنها سلاح فعال يغير قواعد اللعبة الجيوسياسية من الولايات المتحدة إلى روسيا والصين، مروراً بإيران وإسرائيل، نشهد سباقاً متسارعاً لتطوير القدرات السيبرانية الهجومية والدفاعية في ما يمكن اعتباره جبهة قتال غير مرئية.

إقليمياً، أدركت دول الخليج العربي مبكراً حجم التحدي فقد أنشأت المملكة العربية السعودية، الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وخصصت الإمارات مجلساً أعلى للفضاء السيبراني، بينما تعمل الكويت على استكمال بنيتها المؤسسية لإعداد إستراتيجية شاملة في هذا المجال، وأنشأت المركز الوطني للأمن السيبراني. هذه الخطوات لا تعكس فقط استجابة لتهديدات مباشرة، بل تعكس أيضاً وعياً إستراتيجياً بأهمية الأمن السيبراني في الحفاظ على الاستقرار الوطني والسيادة الرقمية.

لقد باتت البنية التحتية الحيوية من النفط والكهرباء إلى الاتصالات والبنوك، عُرضة لهجمات رقمية تعطل الاقتصاد وتهدد الأمن المجتمعي، ولم يعد من المقبول أن تدار هذه المخاطر بمنطق رد الفعل فقط، بل أصبحت الحاجة ملحة إلى استباقها عبر بناء قدرات وطنية سيبرانية قوية قائمة على التدريب والجاهزية والتشريعات الحديثة.

التعاون الإقليمي مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى

فالهجمات السيبرانية عابرة للحدود ولا يمكن لدولة أن تحمي نفسها منفردة وربما يكون الوقت قد حان للتفكير بإنشاء مركز سيبراني خليجي موحد يُعنى بتبادل المعلومات والإنذار المبكر والتدريب المشترك. في المحصلة الأمن السيبراني لم يعد ترفاً تقنياً ولا ملفاً ثانوياً، بل هو عنصر مركزي في بناء الدولة الحديثة وفي ضمان أمنها القومي وقدرتها على البقاء والتأثير في عالم تحكمه المعلومة وتتحكم به الشيفرة. ومن لا يملك سيطرته على الفضاء السيبراني سيجد نفسه مكشوفاً في كل الجبهات.