تونسية تراهن على بطولة العالم رياضة الملاكمة النسائية.. وهذه قصة نجاحها
لا تحظى رياضة الملاكمة النسائية في تونس، على غرار جل الألعاب الرياضية النسائية، باهتمام كبير من السلطات وبدعم من الجمهور والأندية، لكن ذلك لم يمنع من بروز بطلات شققن طريقهن بثبات، وعلى رأسهم الملاكمة التونسية إكرام كروات. وخلال السنوات الأخيرة، برز اسم إكرام كروات بقوة في "الفن النبيل"، بعد أن نجحت في الإطاحة بملاكمات لهن صيت عالمي في اللعبة.
وتتطلع كروات، التي كانت في 2018 أول ملاكمة في أفريقيا والشرق الأوسط تحرز لقب المجلس العالمي لرياضة الملاكمة، بعدما حققت عددا من الانتصارات في بطولات عالمية للوزن الخفيف، إلى إنجاز عالمي جديد وذلك عندما تواجه النيجيرية أكينسانيا أبوسيدي مساء السبت في ألمانيا في نزال بطولة العالم للملاكمة (دابل يو بي آف وورلد).
وتملك إكرام كروات مسيرة لامعة لكن نزالها اليوم السبت سيكون بمثابة التحدي لإضافة لقب جديد والارتقاء إلى مراتب عليا في سلم تصنيف الملاكمات المحترفات الدولي.
من الجودو إلى الملاكمة
وتعد إكرام كروات، المولودة في سنة 1984، واحدة من الملاكمات القليلات في العالم العربي اللاتي قررن اقتحام عالم "الفن النبيل" وطرق أبواب الاحتراف خصوصا بعد هجرتها إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث قضت فترة طفولتها هناك.
مسيرة إكرام كروات انطلقت من مدينة باجة التونسية (شمال غرب)، حيث ولدت الملاكمة في عائلة متواضعة، ومارست رياضة الجودو منذ سن الرابعة، قبل أن تقرر في سن التاسعة تغيير الاختصاص وممارسة رياضة الملاكمة.
في سنة 1997، هاجرت إكرام مع عائلتها إلى مدينة فرانكفورت الألمانية لتلتحق آنذاك بأحد النوادي في رياضة الفن النبيل، وتخوض سباقا صعبا من أجل إثبات ذاتها والبروز في رياضة لم يكن النجاح فيها في ذلك الوقت أمرا سهلا.
في فبراير 2018، شهدت مسيرة كروات أول حدث هام كان بمثابة المنعرج على طريق نجاحها، وذلك عندما انتصرت على الملاكمة الأميركية أنجل غلادناي في مباراة أقيمت بفلوريدا بأميركا، لتحصل بذلك على لقب بطلة العالم في الملاكمة النسائية للوزن الخفيف.
يقول الحكم الدولي والخبير المتخصص في رياضة الملاكمة، حلمي الساحلي، لـ"سكاي نيوز عربية" إن "إكرام كروات تعد الملاكمة التونسية الوحيدة التي استمرت في رياضة الفن النبيل بقبضة ثابتة وعزيمة كبيرة، فقد واجهت ملاكمات لهن مكانتهن في اللعبة مثل الأميركية أنجيلا غلادناي والبلجيكية دلفين برسن".
ويضيف الساحلي أن "آخر نزال لإكرام كان في نوفمبر 2022، وها هي تعود بطموحات جديدة لتخوض نزالها الأول في العام الحالي في وزن الولتر (بين 63 و67 كيلوغراما)، أعتقد أنه سيكون نزالا صعبا أمام منافسة نيجيرية طموحة ولها مكانتها في الساحة، لكن حظوظ البطلة التونسية قائمة ووافرة للتتويج بلقب بطولة العالم (دابل يو بي آف وورلد)".
مرتبة عالمية جيدة
بحسب الساحلي، وهو أبرز حكم دولي تونسي، وخبير متخصص في رياضة الفن النبيل، فإن "إكرام كروات خاضت حتى الآن 15 نزالا مما بوأها مرتبة جيدة بحلولها في المركز 53 عالميا، وساعدها كثيرا تعاقدها مع المانادجير روي جونس وهو أحد أبطال العالم السابقين في الملاكمة".
بدأت إكرام كروات خوض نزالات رسمية في ألمانيا، وفي بداية مشوارها أحرزت لقب بطولة "الراين" وهي بطولة هاوية لتحتل بذلك المرتبة الثالثة في بطولة ألمانيا، وفي سن الخامسة والعشرين، انتقلت إلى برلين بهدف التركيز على حياتها المهنية، واحتلت المركز الثالث في بطولة ألمانيا سنة 2010.
في عام 2015 دخلت عالم الاحتراف، وتحديدا في 27 فبراير عندما ظهرت لأول مرة في قاعة يونيفرسال في برلين، وذلك أمام ساندي ويبر، في نزال أوقفه الحكم منذ الجولة الأولى بعد وقت قصير من بدايته، بعد أن أقر الحكم عدم تطابق وتقارب المستوى وأعلن فوز الملاكمة الحاملة للجنسيتين التونسية والألمانية.
في 1 أغسطس 2015، كررت كروات الإنجاز ذاته في نزال ضد البولندية دانكا كروزيك وفازت منذ الجولة الأولى بالضربة القاضية بعد دقيقة واحدة و10 ثوان.
خاضت إكرام على مدى مشوارها الاحترافي 15 نزالا، فازت في 12 منها وانهزمت في 3 نزالات، أما أفضل ترتيب فكان حلولها في المركز 13 عام 2018.
واقع صعب
وتعيش رياضة الملاكمة في تونس على وقع الكثير من العوائق والعقبات التي حدت من بروز ملاكمات تونسيات في المسابقات الدولية والأولمبية بسبب غياب استراتيجية واضحة من قبل الاتحاد التونسي للعبة والمشرفين عليها سواء في المنتخبات أو النوادي، بحسب تصريح حلمي ساسي لـ"سكاي نيوز عربية".
كانت تونس أول الدول العربية التي اعتمدت رسميا الملاكمة النسائية كما أنها شاركت في مسابقة الملاكمة في الألعابالأولمبية منذ اعتمادها للمرة الأولى في أولمبياد لندن 2012 وذلك بفضل ريم الجويني ومروى الرحالي.
في أولمبياد طوكيو 2020، شاركت الملاكمة النسائية التونسية من جديد في الألعاب الأولمبية واكتفت كل من خلود الحليمي ومريم الزياني بالدور الأول، كما شاركت 3 ملاكمات تونسيات في بطولة العالم 2022، وغادرن السباق منذ الدور الأول، وهو ما يكشف تراجع الملاكمة النسائية في تونس بسبب غياب الدعم، وفق العديد من الخبراء في اللعبة.
ويعمل المكتب الجديد للاتحاد التونسي للملاكمة الذي تسلم مهامه بداية العام الجاري على إعادة النظر في واقع الملاكمة النسائية في تونس ووضع خطة تهدف إلى تأهل عدد من الملاكمات للألعاب الأولمبية باريس 2024.